الأحد، ٣ أغسطس ٢٠٠٨

أنا مكان


أنا مكان حوائط بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة، سلالم عند البوابة وإلى الأدوار العليا.

أنا مكان كرانيش في السقف وسيراميك على الأرضية ممرات ومداخل وأبواب.

أنا مكان أضم غرف نوم وصالون واسع ومطبخ بكامل ملحقاته وحمام غريب الشكل.

ماذا تريد أن تعرف أكثر من هذا؟ لماذا لا تصدقني و تقتنع أنى مكان؟

هل تعتقد أنى جزء من خيال كاتب أو أقصوصة يحكيها أحدهم لأصدقائة المساطيل، قد أكون- في نظرك - حكاية مرعبة ترويها عجوز لتخيف أطفال صغار بل حتى لتريح نفسك تعتقد أنى فكرة داخل راسك... قد أكون شقة في ناطحة سحاب أو فيلا على شاطئ البحر أو قصر مهيب تحيط به الحدائق إذا كنت لم تقتنع أنى مكان فما فائدة أين أو كيف أنا موجود ؟ حاول أن تتقبل وجودي أولا وبعد ذلك اسأل كما شئت... اعرف انك تحاول أن تسألني سؤال لا يخطر على بال لتتأكد من شخصيتي.



ماذا تريد؟



آهذا هو السؤال... لا أريد شيئا سوى التكلم... فانا وحيد لا أجد مكان مثلي لكي أحادثه... نعم هناك أماكن أخرى لها تاريخ وحيوات ولكني لا أجد احد منهم هنا حتى أحادثه أو اعرف إخباره.



هل لكم حياه وحيوات ؟



نعم... ماذا تظننا.... جوامد....هل يعنى إننا لا نتحرك... أننا جوامد... هل يعنى إننا لا نأكل أو نشرب مثلكم...إننا جوامد. هل تظن أننا لا نرى بعيون مثلكم ولا نسمع بأذان مثلكم...إننا جوامد... هل تظن لانى وحيد أحقر من نفسي وأتنازل وأحادث واحد منكم أيها البشر.

لا تغضب لم اقصد تحقير، إنما قصدت معنى كلمه حيوات، فنحن البشر لنا حياه واحدة على الأرض وأخرى في السماء... في الآخرة ؟

حسنا... آراك تقبلت فكرة أنى مكان... الحياة معناها ـ عندنا- هي كل شئ يحدث ويقال ضمن وجودي، بالبناء أولد وبالهدم أموت... إذا حدث وأٌستخدم في البناء شئ من بقايا الهدم السابق في نفس حيز وجودي السابق تولد حياه أخرى ممتدة من حياتي السابقة وهكذا يكون لنا حيوات.



وأنت هل لك حيوات.



- للأسف الشديد...لا... فمن بنوني هنا لم يستخدموا أى شي حتى و لو طوبة واحده من اى مكان سابق إضافة لعدم إحاطتى بأي من الحدائق و الأسوار... فقط رمال صفراء على امتداد البصر هكذا سمعت من الرجل الذي يسكنني ألان. جلس على الباب يستريح يوما كاملا وحينما دخل غرفة النوم نام يومان بالتمام والكمال وعندما استيقظ كان عطشان فأوحيت إليه بنبات بالقرب منى يختزن الماء



-آتوحى؟



- نعم ليس هناك مشكله على الإطلاق في هذا... يكفى أن يكون الشخص لا يفكر في شئ وهذا الرجل لم يفكر حتى في عطشه فأوحيت له بالنبات. كان رث الثياب بطريقة فظيعة، حالته تدل على معاناة رهيبة في الصحراء والرمال الصفراء.



- تقول وحيد وتريد أن تتكلم... فلماذا تكلمني أنا؟



- ألا تعرف معنى الوحدة، من بنوني ذهبوا، أتى ناس من كل بقاع الدنيا وذهبوا وأتى آخرون وذهبوا، كل هؤلاء يتكلمون لغات مختلفة ولا يجمعهم إلا خيط واهي سبب مجيئهم هنا ولكن حالما ينقطع ذلك الخيط، يذهبوا، كل فتره أناس غرب وأحداث غير منطقية وتصرفات عجيبة حتى تعبت، فلا أحيا حياة طبيعية أو حتى أجد مكان أخر أشكو له فلم أجد غيرك... الوحدة يا صديقي... الوحدة.



- أه... الوحدة... اعرفها... أذن فلتحكى لي عنى الرجل القادم من الصحراء لنتسلى عن هذه الوحدة



- حسنا... هذا الرجل لا يشبه اى مما سكنوني قبلا لا في اللغة أو الشكل أو الملبس و لا حتى في الخيط الواهي الذي يربطهم. اعتقدت في بادئ الأمر بعد ما استراح ونام انه أعمى فلم يرى ما في المطبخ من طعام أو ما في غرف النوم من ملبس و لا حتى دخل الحمام ليشرب – رغم أنى لا املك ماء كما قلت لك – اخرج من تخت قميصه أوراق صفراء مهترئه وجلس على الأرض يقرأ ويقرأ فأدركت انه ليس أعمى



- أغبى هو! رجل عانى في فيافي لا ترحم ويقرأ ماضي ويترك ما لذ وطاب وكل ما توفره له يا سيد مكان من حاضر ومستقبل



- فكرت في هذا أيضا.... لا... القراءة من ماضيه لا تجعله غبيا يا سيد بنى ادم و بما انه منكم فأكيد يمتلك عقل يفكر...لا .. لا ارتاح لكونه غبيا... ماذا يا ترى حدث له جعله يتصرف هكذا؟ قد يكون ماضي وإذا كان... فحاله ألان يستدعى أن ينس ماضيه وإلا مات وحيدا فلن يغيثة أحد هنا الم اقل لك...الصحراء.... الرمال الصفراء.



إذا أوحى إليه و نبه!



- لا... ليست فكره طيبة...فانا أوحى فقط بأشياء بسيطة... بسيطة بما يكفى لكي لا يشعر بها تغزو عقله، أما التنبيه وفكره معقدة كتلك سيعتقد انه مجنون فحالته من معاناة أفقدته جزء من عقله... إيحائي سيزيد الطين بله لماذا لا تحاول أنت؟ بما انك بنى ادم مثلة.



- أنا أيضا لا أصلح...فانا لا اعرف مأساة ماضيه و لا اعرف إمكانياتك وما يتوفر عندك حتى أدله... قد يسبب اقترابي منه نفور ولا أستطيع أن اعبر عن ما يصلح حاله فيفقد ما بقى من عقله



- ليس أمامنا إلا هو... أما أن يفيق ويعي ما حوله من طعام وملبس و ماء وآلا مات

وأنا لا أحب أن يموت احد بداخلي

لا أريد أن أكون مقبرة

هناك ٣ تعليقات:

soha zaky يقول...

ربنا يكرمك وتبقى زمان ...!!

fawest يقول...

ربنا كرمنى بيكى...
حلوة بوستاتك اللى قافله عليها التعليقات

وحاولى تفتكرى أنى قلتلك أنك بتكتبى جميل جدا بس "دلوقت" مش "زمان"

Coca يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.