الاثنين، ٢٥ أغسطس ٢٠٠٨

نحن مّن نصنع البست سيلر



على طريقة محمود عبد العزيز وهو يقول "يا عزيزي كلنا لصوص"، قلت لنائل "يا عزيزى نحن من نصنع البست سيلر". توهمت للحظة أن الحضور معنا سيعتقد أن كلمة "نحن" ما هى إلا تفخيم لكلمة "أنا" فلوحت بيدي مقلدا الحركة المسرحية لأكمل مشهد محمود عبد العزيز في الفيلم الشهير، ولكن نائل أفاقني عندما سألني ماذا تقصد بنحن، قلت محاولا أن أكون منطقيا أكثر:
"
نحن، أنا وأنت وأسماء ووائل".

كنت أتوقع استفسارا من نائل أو من غيره حول موضوع البست سيلر وليس عن كلمة "نحن". فمن نحن هو سؤال جد صعب وعويص بعد عدم جدوى فكرة الجيل للتطبيق والتشكيك في مدى ملائمة مصطلح الكتابة الجديدة
ولكن ليس هذا موضوعنا الآن أو لنرجئ إجابته قليلا.
البست سيلر هى الترجمة الانجليزية لتعبير "الأكثر مبيعا" ، مفهوما وترجمة
فمفهوم البست سيلر مستورد من ثقافة الغرب ونتعامل معه كما نتعامل مع كل المستوردات من هناك، نتعامل مع المفهوم مبتورا من جذوره ونتجاهل كون نتيجة معطيات وصناعة لا تماثل معطيات وبيئة ثقافتنا

طوال تاريخنا الأدبي العربي، لم نسمع أو نعرف عن ديوان شعر أو رواية فاقت شهرتها شاعرا أو كاتبا، حتى أكثر الكتب إثارة للجدل كان البطل هو المؤلف و الكاتب،
إلا مؤخرا مع غزو هذا المفهوم المبني أساسا على صناعة الميديا والأعلام
وبمقارنة بسيطة فرواية مثل "شفرة دافنشى" ، أثارت من الجدل والحوارات مع الرواية ذاتها بدلا من المناقشة والجدل مع الكاتب نفسه والذي لم يتعرف الأكثرية على اسمه إلا من خلال البنط العريض على الغلاف.

فالمبدع هو المحرك الرئيسي للأفكار والفن على مدار أعماله الابداعية ومشواره الادبي. ففى ثقافتنا العربية نتبنى هذا المفهوم ونؤمن به، لذا كان المفكرين والفلاسفة – بغض النظر عن إنتاجهم الفكري – هم المساهمون بالنصيب الأكبر في صنع الثقافة والحضارة
مؤخرا عرفنا أن من انتبه لأهمية المبدع على المبدع على العمل الابداعي بتطبيق على نهج مؤسس هم لجنة التحكيم في جائزة نوبل التي فسرت وصية الفريد نوبل في تعبيره الأكثر تميزا باستحقاق الجائزة عن مجمل أعمال الفائز

وفى المقابل نجد أن جائزة البوكر العالمية ونسختها العربية هى طريقة لإيجاد شرعية أدبية أو للتقليل من النزعة التجارية الواضحة لمفهوم البست سيلر
وعندما ننحى هذا الملمح جانبا نجد أن البست سيلر نتاج مؤسسة ضخمة أنتجته بناء على عدد المكتبات ونسبة المبيعات والمتابعات و...
فماذا عندنا من نظم هذة المؤسسات وحتى الآن لم نستقر على عدد النسخ المباعة عند الحديث عن انتهاء الطبعة الأولى هل هو ألف نسخه أم ثلاث ألاف أم تفاخرا بخمسة آلاف نسخة أو حقيقيا بخمسمائة نسخة فقط

أستطيع أن أعدد لكم الأسئلة التى بمجرد محاولة الإجابة عن إحداها تُثار وتُفتح مشاكل النشر والتوزيع والتى بالتبعية تهدم الأكثر مبيعا كتطبيق على واقعنا الثقافي المتردى

سألتني صحفية بصفتى المسئول الإعلامى عن أحد المكتبات عن الكتب الأكثر مبيعا، فأوضحت لها أنى لا أملك هذة المسئولية أو الصفة ولا يوجد أصلا هذا المنصب في أي مكتبة حتى يدلى لك بهذة المعلومات ولكن بإصرارها، سألت وعرفت وجاء حظها ببروز عدد من العناوين بناء على ترشيحات جائزة البوكر ونجاح عدد من الأفلام التى كتب سيناريوهاتها عدد من كتاب الأدب
وصاغت باب الأكثر مبيعا في الجريدة بناء على التكهنات ورواج الإشاعات واستمر الباب ببراعة الصياغة ولوجهات المكتبات

عندما قلت لنائل "نحن من نصنع البست سيلر " لم يخطر على بالى ( الأنا ) أو ( نحن ) بل على العكس، قصدت أن البست سيلر تطبيقه في مجتمعنا الثقافي وهم ومجرد لعبة يستطيع أي مثقف يمتلك أدوات عصره التأثير وتحويل مجرى البست سيلر لصالحه بدون الاحتكام إلى معايير محددة ومعروفة

هناك تعليق واحد:

سمير مصباح يقول...

اوافقك تماما
وان كنت اجد فى نفسى غضاضة كبيرة من هذا التعبير اللفظى الذى يحول الابداع الى سلعة بمفهومها الربحى البحت
فكلمة (مبيعا) هنا هى كلمة مستفزة للنفس ( نفسى على الاقل ) تبدوا خارجة عن السياق عندما نتحدث عن الابداع
تحياتى