السبت، ١٩ أبريل ٢٠٠٨

إنكيدو وشمخات

هناك مشهد فارق ورائع فى ملحمه جلجماش، أقدم ملحمه فى تاريخ الانسانيه حتى الان، قبل ملاحم الالياذه والاوديسا
لم يلتفت الباحثون كثيرا أو قليلا الى هذه اللحظه الفارقه، إحتمال لأن لم تدخل فى نسيج الفكره الجوهرية أو الدراما الرئيسيه للملحمة
العماد الرئيسى للملحمه هو البحث عن الخلود والسمو. لكى يستقيم فهم هذه اللحظه الرائعة
( التى هى بعمر سبعه ايام فى الملحمه)
سأحكى اكم من البداية :
كان جلجماش ابنا للإلهه ننسون حملت به من ملك أوروك المدعو لونجا بندا، فجاء ثلثه انسان وثلثاه إله، متفوقا على جميع الرجال بخصائصه الجسميه والعقليه. حكم أوروك وهو فى مقتبل العمر، فطغى و بغى على أهلها حتى ضاقت بهم السبل، فحملوا شكواهم الى مجمع الآلهة يطلبون منها العون على رد مليكهم الى جاده الصواب. أستمع الآلهة الى الشكوى وارتأوا خلق ندِ لجلجماش يعادله قوه وجبروتا ليدخل الاثنان فى تنافس دائم يلهى جلجامش عن رعيته، وعهدوا بهذه المهمه الى الآلهه الخالقه آرورو، المعروفه فى الاساطير الرافديه بأنها خالقه الجنس البشرى، فقامت آرورو بخلق انكيدو من قبضه طين رمتها فى الفلاه.

نشأ انكيدو مع الغزلان فى البرارى، يطوف الفلاة مع القطعان كواحد منها. وفى أحد الايام رآه صياد فهرع الى جلجماش يخبره، فإهتم جلجماش بالامر ورغب فى إحضار وحش البريه (انكيدو) اليه. أمر كاهنه الحب (شمخات) من معبد عشتار أن تذهب مع الصياد الى البريه و تحاول استماله ذلك الرجل الوحش ثم تأتى به اليه بعد أن يفئ الى احضانها ويأمن إليها. كمنت المرأه والصياد عند النبع الذى يرده انكيدو للشرب مع القطعان، وفى نهايه ثلاثه ايام من الانتظار يظهر انكيدو، فتبرز له شمخات وتكشف له عن مفاتنها
ونتواصل مع الملحمة: العمود الرابع من اللوح الاول ترجمه الباحث السورى فراس السواح




فقد وقع بصر المرأه عليه،رأت الرجل الوحش،
رجل البداءة الآتى من أعماق البرارى:
" هو ذا يا فتاه البهجه ، حررى ثدييك،
عرى صدرك، يقطف ثمرك.
لا تخجلى، خدى إليك دفأه.
فإنه لمقاربك إذا رآك
اطرحى ثوبك، دعيه ينبطح عليك،
علمى الرجل الوحش، وظيفه المرأه،
فتنكره طرائد البريه التى شبت معه،
بعد حبه لك.
فتاه البهجة، حررت ثدييها، عرت صدرها
فقطف ثمارها
لم تخجل، أخذت إلها دفأه.
طرحت ثوبها، انبطح عليها.
علمت الرجل الوحش وظيفه المرأه،
وها هو واقع فى حبها.
سته أيام وسبعه ليال قضاها انكيدو مع فتاه البهجه.
و بعد أن روى نفسه من مفاتنها،
يمم وجهه شطر رفاقه الحيوانات،
فولت لرؤيته الغزلان هاربة .
حيوان الفلاة فرت أمامه.
تمهل خلفها، ثقيلاً كان جسمه،
خائره كانت ركبتاه، ورفاقه ولوا بعيداً.
تعثر إنكيدو فى جريه، صار غير الذى كان.
لكنه غدا عارفاً، واسع الفهم.
قفل عائدا الى المرأه، جلس عند قدميها،
رافعا بصره إليها،
كله آذان لما تنطق به.
حدثته الكاهنه قائله:
" حكيم أنت يا إنكيدو شبه الآلهه أنت.
لماذا مع حيوان الفلاه ترعى البرارى؟
تعال آخذك الى أرورك المنيعه،
حيث المعبد المقدس مسكن آنو وعشتار




أمعنوا النظر فى كل كلمه قالتها الملحمة، هناك قصه رهيبة وهى تحول الوحش الى إنسان بالجنس، لقد علمت شمخات انكيو وظيفة المرأه وهى فنون الجسد وبها تكتمل معارف الانسان ويتسع أفقه، بالاضافه الى إستخدام الملك جلجماش المرأه للسيطرة على عدوه. وكيف أنكرته الحيوانات التى كانت ترد معه الماء والكلاء. الجدير بالذكر ان كاهنه الحب هى عاده بابليه قديمه كانت تهب فيها الكاهنه نفسها الى أول عابر سبيل و غريب وفقا لطقوس دينيه معينه ولم يكن ينظر لها على إنها بغاء
بل كانوا يدركون ويعون كيف تعيد المرأه الآدمية الى الوحشية


هناك ٦ تعليقات:

MKSARAT - SAYED SAAD يقول...

منتظر الباقي
شيقة وجميله
تحياتي
سيد سعد

fawest يقول...

مكسرات- الحقيقه الاسطوره طويله حواله 11 لوح مسمارىو كل لوح عليه حوالى سته عواميد مكتوبه باللغه الاكاديه

بس هو الجزء ده الذى فتنى ولم أجد عليه دراسه من أى نوع
حتى كتب فراس السواح نفسها المرجع فى ملحمه جلجامش
لا تعير هذا المشهد إهتمام

على فكره مستنى أشوفك فى ندوه د.زين
بورشه الزيتون

soha zaky يقول...

بصراحة يا فاوست ليست وظيفة المرأة ان تحول الوحوش الى رجال بممارسة الحب معهم سبع ليال وليست وظيفة الوحش ان يعيش دائما بين البرارى مع الحيوانات ولكنها الاسطورة الرائعة ، ان الكاهنة تمنح نفسها لاول عابر سبيل لانها بالاساس لم تمنحه لاى رجل قبل بل كانت مع الاله فقط فمن البديهى الا يراها الناس غانية او بغى ، فقط هى امراة خرجت من الكهنوت للبشروت اقصد للبشر ـ لتمارس دورها الطبيعى فى الاخذ والعطاء فى الحب الملموس ـ فما من جدوى ان تحب احد لا يبادلك الحب بحب حتى ولو كان الها ...

fawest يقول...

سهى - متفق معكى فى إن وظيفه المراه ليست فى الجنس فقط
نعم هذا صحيح

لكن المشهد النادر الذى أثار تفكيرى فى الاسطوره

هى إستخدام الجنس فى تحويل الوحش الى بشر، إختبار عظيم الشأن

باقى المشهد ان الوحش بعدما صار رجلا
جلس عند قدمى شمخات و رفع بصره إليها

أعتبريه خضوع ولكن أعتبره الحب
عرفت كيف تميل الوحش الى الحب

teba يقول...

فاوست
نعم أعتقد ان وظيفة المرأة ان تجعل
الطبيعة أكثر انسانية..ان تنزع عنها
بريتها و تضيف لها سحر آخر
تذكرت مشهد فى فيلم قديم للأسف نسيت اسمة
عندما قررت البطلة ممارسة الجنس مع من يحبها و ليس مع من تحبة..اذكر كيف استلقت على ظهرها حتى يفعل ما فعلة انكيدو لينبطح عليها..ولكنة لم ينبطح فى الحقيقة لقد نزل على ركبتية بجانبها
يتأملها قبل ان يضاجعها..كان كمن سيصلى اولا لآلة الحب قبل ان يمارسة
ربما تبدو صورة مغايرة قليلا..ولكنة الحب الذى تعرف المرأة كيف تقدمة.

بوست جميل يا فاوست..

fawest يقول...

طيبه - تصدقى التعبير بتاع جعل الاشياء أكثر إنسانيه ...ممتاز
ياريت كان خبط فى دماغى لما كنت بكتب البوست، زى ما خبط فى دماغى مشهد زى اللى بتحكى عليه بس من روايه لماركيز
أسمها"ذكريات غانياتى الحزينات"وكان عن رجل بيحتفل بعيد ميلاده الخمسون بهذه الطريقه، تأمل جسد فتاه بضه صغيره عاريه وهى نائمه
أستمتع بكونه أما هذا الجمال بدلا من ممارسه الجنس معها، بالمناسبه هذه الروايه معارضه لروايه يابانيه إخرى لا أذكر أسمها للكاتب الحائز على جائزه نوبل هو الاخر ، تدور حول نفس الفكره بشكل مختلف قليلا

طب شوفى بقى البوست الى نزلته دلوقت
ممكن يعجبك
نتعلم من جرائتك وجرأه محمد ربيع رحمه الله