الأحد، ٣ فبراير ٢٠٠٨

الرجل ذو الندبة


كانت الندبة هي أول ما لاحظت فيه لأنها عريضة وحمراء، على شكل هلال من الصدغ إلي الذقن ويجب أن تكون حدثت من جرح مهيب مثل نصل سيف أو شظية قنبلة. كانت الندبة غير متجانسة مع وجهة فله وجه معتلي، طيب، ضاحك، ملامحه غير مميزة وتعبيراته خاليه في الخداع وأيضا وجهة غير منسجم مع ضخامة جسمه، كان رجل قوي وطويل أكثر من ألازم .

لم أره إلا في ستره رمادية رثه وقميص كاكي وقبعة كبيرة عسكرية، ملابسة توحي بأي شيء إلا النظافة، دائما يأتي لفندق بالاس في مدينة جواتيمالا، كل يوم في وقت تناول الكوكتيل يحوم ببطء حول البار يعرض تذاكر اللوتري للبيع لو كانت هذه طريقة تكسبه للمال فأنة لابد فقير، فلم أره يبيع تذكره واحدة إلي أي من الجالسين .

أحيانا يُعرض عليه شراب فلا يرفضه وبعد ذلك يتمشى على مهل بين الموائد بطريقة يجعلك تشعر أنه معتاد على اجتياز مسافات طويلة على قدمية يمر على كل مائدة وابتسامة خفيفة تعلو وجهه يعرض على الناس أرقام التذاكر التي يبعها، رغم إن أحدا لا ينتبه له وتظل الابتسامة على شفتيه حتى يخرج.

اعتقد أنه أكثر حقارة من مشروب رديء .

في احد الأمسيات، كنت واقفا على البار ساندا قدمي على قضيب حديدي في أسلفه بحكم معرفتي ببار فندق بالاس بمدينة جواتيمالا، فهو يقدم أفضل مارتيني في غير صودا. وللمرة العشرون أهز راسي بالنفي منذ قدومي إلي البار عندما يعرض على تذاكر اللوتري بإلحاح .

لكن رفيقي التفت إليه بلطف

- Que tal , general ? كيف حالك جنرال، ما أخبار حياتك

- ليس سيئا. العمل ليس جيدا. ولكن ممكن أن يصبح أسوء.

- ماذا تريد جنرال ؟

- مارتيني

جرعها دفعة واحدة ووضع الكاس على البار والتفت إلي مرافقي

- Gra cais , hasta luego شكرا، مع السلامة.

ثم استدار وعرض تذكرة لوتري على الرجل الواقف بجانبي، سالت مرافقي.

- من صديقك ! " هذا ذو الندبة المخيفة على وجهة " .

- أنها لا تضغي جمالا على وجهة، أليس كذلك أنه منفي من نيكارجوا. غجري بالطبع وقاطع طريق ولكنه ليس رفيق سيء، أعطه بعض بيزوات من آن لأخر. كان جنرالاً من الثوار ولو لم تنتهي الذخيرة لكان الآن وزير حربية في الحكومة بدلا من بيعه اللوتري في جواتيمالا.

قبض عليه وكل من معه وحاكموهم محاكمه عسكرية من تلك المحاكمات التي تحدث كثيرا في مثل هذه البلاد أنت تعرف وحكم عليهم بالإعدام عند الفجر، أعتقد أنه عرف ما سيحكمون به عندما قبضوا عليه، قضي الليل في السجن هو ومن معه كانوا كلهم خمسة امضوا الوقت كله في لعب البوكر اخبرني أنه لم ينل حظا أسوء في حياته مثل تلك المرة، استخدموا علب الثقاب بدلا من الكروت لعبوا ببضع أوراق وجاكات على المفتوح ولكنه لم ينل كرت واحد.

في الفجر عندما حضر العساكر ليجلبوهم للإعدام ، كان قد خسر أكثر معا قد يخسره إنسان عاقل طوال حياته .

اقتادوهم لساحة السجن وأوقفوهم بجانب الحائط وأمامهم فرقة إطلاق النار ولكن لم يحدث شيء فسأل صديقنا الضابط المسئول عن السبب الذي يجعلهم منتظرين. قال الضابط إن الجنرال الذي يرأس القوات الحكومية يرغب في مشاهدة الإعدام وهم في انتظاره وصوله.

- "أي أمامي وقت لتدخين سيجارة أخري " قال صديقنا كان دائما نهم للتدخين ولكنه ما كاد يشعلها حتى حضر الجنرال – أنه سان إيجانكو بالمناسبة لا اعرف إذا كنت قابلته أم لا – وخلفه ياوره إلي ساحة السجن وسأل سان غجانكو المحكوم عليهم إذا ما كانت لهم أمنية أخيره قبل الإعدام أربعة في الخمسة الواقفون هزوا رؤوسهم نفينا إلا صديقنا

-" نعم أود أن أودع زوجتي "

Buemq"- حسنا "قال الجنرال ليس عندي اعتراض أين هي

- " تنظر بباب السجن "

-" إذن لن يسبب تأخير أكثر من خمسة دقائق "

-أقل في ذلك Senor General سيدي الجنرال

-" إذا خذوه إلي الجانب الأخر "

تقدم اثنان من الجنود ووقف بينهم الثائر المحكوم عليه بالإعدام إلي المكان الذي أشار به الجنرال.

أصدر الضابط المسئول لغرفة إطلاق النار الأمر بالإعدام بإشارة من الجنرال وقع الرجال الأربعة عند إطلاق النار بدا وقوعهم غريبا واحد بعد الأخر في حركة متنافرة عجيبة كأنهم لعب تقع على مسرح العرائس.

توجه إليهم الضابط وأطلق رصاصتين من مسدسه على أحدهم مازال على قيد الحياة. صديقنا أنهي سيجارته ورمي العقب بعيدا.

كانت هناك جلبه خفيفة عند البوابة. دخلت سيده إلي ساحة السجن بخطوات سريعة ويدها على قلبها، توقفت فجاه وأطلقت صرخة وفتحت ذراعيها وجريت نحو صديقنا .

-" Garambq يا إلهي" صاح الجنرال

كانت تلبس اسود بإيشارب على شعرها ووجها شاحب كالموتى لم تكن أكثر من مخلوق ضعيف ، بملامح عادية وعين واسعه مذهولة من شقاء نفسي رهيب وبوجه جميل مرسوم عليه لهفتها وفزعها جريت نحوه وفماها مفتوح لقبلة من حبيبها.

الدهشة كانت مرسومة علي الجنود الذين يحدقون فيها.

الثائر تقدم خطوتين لملاقتها فرمت نفسها في أحضانة وبصوت مبحوح من البكاء والألم

Alma De mi Carazon"- حبيب قلبي"

ضغط بشفتيه وقبلها بقوة

وفي لمح البصر أخرج سكين من قميصه الممزق – لم أذكر لك كم هو غيور ولا يسمح لأحد الاحتفاظ بما يملكه – وطعنها في عنقها، الدماء انفجرت من الوريد المقطوع وصبغت قميصه باللون الأحمر. احتضنها بقوة وقبلها ثانية قبلة طويلة.

حدث ذلك بسرعة حتى أن معظم الجنود لم ينتبهوا إلي ما حدث ولكن منهم من أطلق صيحة فزع، ثبوا عليه وامسكوا به .

خلصوا الفتاة من حضنه ولولا الياور لوقعت علي الأرض مددها علي الأرض وكل الوجوه تنظر حوله بارتعاب إلي ما حدث الثائر عرف تماما أين يصيب في مقتل لأنه كان من المستحيل إيقاف النزيف

-" لقد ماتت "

قال الباور وهو راكع بجانب الفتاة المحددة علي ظهرها ورسم الثائر الصليب *** ساله الجنرال في دهشة

-" لماذا فعلت ذلك "

-" أحببتها "

مرت بين الرجال المتجمعين تنهيده صافية وهم يشاهدون منظر غريب لقتل بسبب الحب. حدق الجنرال فيه للحظه وقال

-" لقد كان تصرف غاية النبل ، لا أستطيع أن أعدم هذا الرجل "

ووجهة كلامة إلي الياور خذ سيارتي وأطلق سراحه علي الجهة الأخرى

وأكمل كلامة إلي الثائر " Senior سيدي"

أنا أعرض عليك عهد من رجل شجاع إلي رجل شجاع بإطلاق سراحك

سرت همهمة استحسان من الجنود مزقت الصمت.

أوثق الياور الثاني من معصمه وأقدتاة بين جنديين علي العربة.

صديقي توقف وكأنه انهي حكايته ولكني للحظات ظللت منصت إجابة أوضح، أنه من جواتيماه ويتكلم الأسبانية وبكل وضوح استطعت أن أترجم كل كلمة يقولها بأمانة لم أقاطعه حتي في تدفق كلامة ولأجل الحقيقة خيل إلي أن الحكاية أكتملت

فسألته

- " والندبة "

-" اة لقد انفجرت زجاجة جنجر في وجهة عندما كنت افتحها"

قلت

-"لم تعجبني هذه النهاية"

هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

قصة جميلة اوى

fawest يقول...

هند - على فكره أختى أسمها هند برضو
شكرا
تصدقى أنا عرفت أن فى حد مترجمها
عاوز أقرا ترجمته عشان أعرف الاختلاف
ياريت عاوز أعرف رايك فى الترجمه
هل هى سلسه ؟؟

نبضات يقول...

تصفحت مدونتك سريعا لكى اخذ فكره عنها وعن فكر من يكتبها بصراحه مدونه مميزه وسعيده بمعرفتها ولكن ....لا افهم شعار مدونتك !!واتمنى ان تعبر لى فى جمله بسيطه ماذا يعنى
(لقد بدأ الفكر لقد انتهى الايمان)
ولماذا اخترت هذه الجمله شعار
بس السمك الذهبى شكله حلو كتير
ساتصفحها ...ولى عوده للتعليق

تحياتى
سعيده بمعرفة مدونتك

fawest يقول...

نبضات - سعدت بتشريفك

وكفايه السمك عجبك
أصلى حاسس أنى عامل زى السمكه اللى نطت من جرمئ السمك
لتستقل فى مكان و حيام تخصها و حدها
بالنسبه لعنوان مدونتى
فيرجى الرجوع الى تدوينتى
حوار بين د.ض و د.ف
الجزء الاول و الجزء الثانى على هذة الروابط
http://fawest.blogspot.com/2007/11/blog-post_10.html

http://fawest.blogspot.com/2007/11/2.html