السبت، ٢٠ أكتوبر ٢٠٠٧

شئ ينتظر الافصاح

يحكي أن رجلا مشهورا يعيش بيننا اليوم، قد استطاع عن طريق غامض لا يعرفه أحد أن يتنبأ بالغيب. هذا الرجل ليس مشهورا بسبب تلك القدرة العجائبية التي حدثت له، فلا يوجد مخلوق واحد علي ظهر الأرض يعرف هذه الحقيقة ولا حتي هو، إلا قد تغير حاله أو أصابه الجنون مثلا. ولكن الشهرة التي حصل عليها كانت عن طريق الآثار المترتبة علي قدرته تلك.
فتراه يفعل أشياء غير متوقعة، هكذا يبدو للناس، ولكنها طبيعية جدا بالنسبة له. تهمس في رأسه أفكار تبدو غريبة قليلا ولكنها بالنسبة للناس لا يتصورون حتى أنها ممكنه الحدوث، ومن يسعده الحظ ويتبنى جزأ منها ويصر علي ملكيته للفكرة حتي النهاية، يرفعة الناس فوق الأعناق ويهللون له، فكل حياته وأفكاره لم تجعله في نظر الناس أكثر من كونه مشهورا، يدير الرجل المشهور – خططا ويتحكم في مصائر من حوله وهو واثق في نجاح خططه بناء علي الأشياء غير المتوقعة والأفكار الغريبة التي تملأ رأسه.
آه لو كنت صاحب الأمر في هذه الحياة.. في حياته
آة لو كنت أدركت احدي أفكاره أو خططه الرائعة.... ولكن
يجب أن نتعامل بحذر مع تلك الشخصيات، أتتوقعون أنه فريد من نوعه.
هم كثر.. في كل مكان تجدهم، في المناصب العليا والعائلات الكبيرة وأولياء الله، بل وحتى بعض المجرمين والنصابين العظام.
يختلف إحساسهم بالقدرة الخارقة التي يملكونها باختلاف مواقعهم ومدي انتفاعهم بها... لكن لم يبلغ أحدهم أو هو – الرجل المشهور – الإلمام الكامل والسيطرة الكاملة علي تلك القدرة. اعتقد إن ذلك من نعم ربنا عليهم أو إن نعمه سبحانه عليهم عدم امتلاكهم القدرة العجائبية كاملة.
علي الرغم من شهرته وقدرته العجائبية تلك هو إنسان غريب الأطوار في نظر الناس وعبقري في نظري.. عاش أغلب حياته – يحاول بكل جهد ممكن ، شريف أو غير شريف، يتفاوت معني الشرف عنده مع ما يراة الاخرون من حوله – ليحل مشكلة لقمة العيش ... دخل السجن في جرائم تمس أمانته – أمانته في المسائل المالية.
كان هذا الرجل المشهور يحتال علي مصاعب الحياة بإسداء النصح تاره أو أن يكون واسطة خير تارة أخري أو عونا لصديق علي عدو، هكذا استخدم المجتمع البسيط الذي يعيش فيه إمكانيات قدرته، مما جعله يبدو بينهم رجلاً مشهورا.
ولكنه منذ يومين تحديدا أخرج للناس فجأة أمرا هو أروع وأخلد ما في تاريخ البشرية، ولكن في هذا المجتمع البسيط الفقير لم يع أهمية وضرورة الأمر الذي أعلنه عليه، وظن الناس في هذا المجتمع البسيط إنها احدي عاداته في السعي في الخير أو الأمور الحياتية الأخرى وعندما عرفوا أو جهلوا بأنهم لا ينتفعون منة بشئ انصرفوا عنه وانفضوا من حوله وتركوه وحيدا، بل أكثر وحدة مما سبق ارتفع لديه الحس والإلمام بتلك القدرة الخارقة بعد أن تعمق في التفكير واستغل ميزة الوحدة التي بلى بها، وتيقن إن هذا المجتمع البسيط علي الرغم من شهرته فيه، لا يغني و لا يسمن من جوع بالمقارنة بروعة تلمسه للأمر الذي أخرجه للناس وأعلنه.
في اليوم الذي خرج فيه للناس كان كما النبي علي جبل عرفه يلقي خطبة الوداع أو كما المسيح وهو في بيت لحم يتلو عظته الأخيرة أو كما موسي عليه السلام يلقن وصاياه العشر بعد انغلاق البحر.
في تلك اللحظة و أنا أقف استمع لة شعرت كما يشعر أحد الصحابة بقوة الخطبة أو احد الحواريين بروحانية العظة أو احد اليهود بخشوع المعجزة.
ولكن لفظت هذا الشعور حالما اختليت بنفسى ورجعت لي دناءةه وحقارة الطين الذي خلفت منه، أتدرون فيما أعتقد... أعتقد إن طينيه الإنسان جزء من طبيعته البشرية... تلك هي ماهيته.
أكره السمو والعلو الذي يتلبس... كفي حتي لا تتهموني بالكفر والإلحاد.
منذ بداية الحكاية حتي الآن، أنا لا يهمني الرجل المشهور ولا قدرته العجائبية أو حتي الأمر الرائع – الذي اشهد بروعته -.
إني احكي لك عن نفسي
أنا الذي تخلصت من توهم السمو في اليوم الذي تخلص فيه من توهم الشهرة الزائفة بعد انصراف الناس عنه بعد يومين من اليوم المشهود.
فذهبت تملؤني رغبات الإنسان الطينية العادية في الفضول وطلب المعرفة بأي طريقة علي حساب هذا الرجل وكل ما يملكه، فقابلته أمام بابه خارجا متمهلا خيل لي أنه ينتظر أحدا أو يتوقع شيئا، ولكن نبذت هذا التخيل وأنا أتلهف لمعرفة أين ولماذا سيخرج فلم يرد علي فرجعت وسألته أن أصاحبه فلم يعترض.....لابد أنه وقت لاقتناص أحد أفكار خططه.
سوف يذيع أمر هذا الرجل أكثر من حدود المجتمع أو أكثر من التاريخ المكتوب ذاته، طبيعي وسيذكرني التاريخ والعالم كرفيقه.
لقد لقيت متاعب كثيرة في رحلتي معه ولن يعرفوا لماذا تحملت ذلك سيعتقدوا أني عرفت منذ البداية مأساه هذا الرجل ولم أصارحه أبدا، كنت أعرف أنه في تصوره عن الخطط و الأفكار و الأسباب والنتائج شيء أكبر من تلك الأمور الحياتية البغيضة والتي تملوئني – وأنا مرتاح لها – ولم أصارحه أبدا.
لماذا شاركته رحلته
سيقول – قارئو التاريخ ومفسروه – إنه لم يكن واثقا تماما مما إذا كان عاقلا أو مصابا، وانه خاض التجربة خوفا من أن تكون صحيحة فلا يشارك في ثمارها وآخرون يقولون لأنه إنسان بسيط جرته إلي الرحلة عواطفه نحو مأساة هذا الرجل وآخرون سوف يقولوا لأنه أحببه كانسان وعرف المخاطر و الجحود الذي ينتظره من الناس ولم يشأ أن يقنعه بالعدول لأنه يعرف إن الاقتناع يحتاج إلي قدر من العقل كان مفقودا، فشاركه الرحلة ليحرسه ما استطاع من مخاطرها وسوف يقولون...
هرعت إلي الرجل وأنا فزع
- أنا أكتب عن......
صدمتني نظرة عينه . أبها إشفاق أم...
- لماذا تتعتقد أن الإنسان لن يتحمل المعرفة الخاصة؟
أيعرف...المعرفة الخالصة.... لم أصارحه... أتكون هي قدرته العجائبية فقلت في بطء لاستوعب معني سؤاله:
- لأنها فوق حدود العقل.
- ما أدراك ما حدود العقل.
- الأشياء التي نغرق فيها... كراهية، شهوه، حب، طمع...
- هذه الأشياء لأتصنع حدود العقل إنما العقل هو الذي يصنعها رحمه بالإنسان وروحه إنها عذابات تموج بها حياته ليستحق الثواب والعقاب.
- التنبؤ بالغيب...
- التنبؤ بالغيب .. هكذا تسميها، ليس هناك غيب لكي تتنبأ به، المستقبل كله مكشوف لا حجاب عليه تماما مثل الماضي معروف وواضح كل ما في الأمر عندما لا نري فترة معينة في الماضي لا نري تدوينها وراويها أو آثارها، أيضا المستقبل واضح ومعروف لكننا لا نري الإشارات والدلالات التي تحدث أمام أعيننا لأمر ما في المستقبل لأننا ببساطة غرقنا في العذابات... ونسينا أنفسنا.
- واليوم المشهود.
- أنت... هذه الرحلة لك أنت... بدايتها منذ اليوم المشهود لك أنت. رحلة حتي تتطهر من العذابات المختلفة وتتملك المعرفة الخالصة... أعرف أنك آمنت بوجودها في وفي غيري.. إن لك الوقت لتكون لك لكن بدلا من أن تسعي إلي امتلاكها حاولت استغلالي فوجب علي أن أطهرك وأنقيك حتي تتحمل عبء الأمانة والمعرفة الخاصة.

هناك ٤ تعليقات:

hamsaa يقول...

تعرف ان سبب الالم في حياتي مصدرة شخص تبني شىء اخشي الى الان ان يكون صادقا
و هذا الشخص مفزع الى اقصي درجة
هو ما يتسبب في بكائي دائما متي تذكرت كلماته اللاذعة و اتمني فقط ان تكون كلماته مجرد تنجيم و ليس تنبؤ
تحياتي الي كلماتك التى اتت في وقتها

_ زين_ يقول...

العزيز طاها
أنا أعتز بكتاباتك جدا لأنها تتميز بالإلهام، وهي خاصية لايدركها الكثيرون أثناء الكتابة، فقيمة العمل الفني هي القدر الذي يتركه لدى الآخرين من الإلهامinspiration، من الرغبة في المعرفة، من الرغبة في إعادة الكتابة، من أن يشدني إلى مناطق غامضة جديدة تماما على وعيي، أشكرك وأطلب منك متوسلا "لازم تعيد النظر في تلك اللوحة التي طالت منك قليلا..
خالص حبي واحترامي وتقديري

كريم بهي يقول...

استاذى المبدع الجميل
اهو كل يوم تبدع والهامك يعلى ويعلى
تصدق عجبانى اوى
شئ ينتظر الافصاح
حلوة بجد

على فكرة سهى بتشكرك على هدية نهنوه الجميلة اوى واللى معرفهاش

كريم بهي

سلوى يقول...

هل يمكن أن يؤثر إنسان على آخرين بهذه الدرجه؟

الإنسان له عقل وقلب ينظر للأمور بهما
ومهما كان من نتأثر به
فهو إنسان مهما بلغ إنسان
ربما له ملكات ما
لكنه يبقى إنسان

وطينية الإنسان ليس دونيه
وإلا كان رأي إبليس صحيح عندما رفض أن يسجد لمن خلق من طين

كل مرة بطول
فعفوا