الأحد، ٢٢ يوليو ٢٠٠٧

دون مقابل


- "لماذا لا تقول لأمك " صباح الخير " إخوتك كلهم يقولونها ! ولكني لا أسمعها منك"
- "وحدي الله يا أم عطا فهو والحمد لله ليس ابن عاق فهو يتحلى بصفات وأخلاق لا توجد لدى إخوته".
- "نعم أعرف ولكني ما زلت مصره على السؤال"
دار هذا الحوار بين أمي وخالي أمامي وأنا صامت.
لأني أشعر بشئ غامض إزاء هذا السؤال لماذا لا أقول لأمي " صباح الخير " فعندما أدخل المطبخ صباح كل يوم فور استيقاظي وأبحث في الثلاجة عن كوب ماء. اسمع السؤال الدائم التكرار: " لماذا لا تقول صباح الخير ؟ " وإن اختلفت الصيغ والأساليب.
ولكن علامة الاستفهام ما تزال معلقة في عقلها وعقلي.
قد يتصور البعض إن علامة الاستفهام تتلاشى في ذهني في خضم يومي، في بعض الأحيان لا أعرف، هل أبحث عن إجابة هذا السؤال أم أنى لا أفكر فيه على الإطلاق. أجهد نفسي لفكر في هذا الأمر الغريب الذي بدأ يستوقف حياتي منطلقاً من الحقيقة الراسخة في قلبي أنى أحب امى حبا جما يملأ خلجات نفسي وخلايا قلبي.
نعم أفكر في إجابة هذا السؤال حتى عندما أمارس أحب هواية لي وهى القراءة.
فحينما كنت أقرأ أحد دواوين الشاعر الكبير نزار قباني بقلم ابنته هدباء قالت في المقدمة إن أباها أفسد حياتها بشعره وتعامله معها, فقد جعلها تقارن بينه وبين الرجال الذين قابلتهم.
ودائما تأتى المقارنة في صالحه وفى المقابل رأت أغلب الرجال طغاة
وكالومضة قفز في ذهني هذا الخاطر
كما افسد نزار حياة ابنته, أفسدت أمي حياتي إن جاز لي أن اسميها إفساد.
فقد كنت اقارن – دون أن أدرى- بين كل فتاة أقابلها و بين امى وطبيعي أن تأتى المقارنة في صالح أمي وفى المقابل أجد كل الفتيات ناقصات عقل
ولكن هذا، رغم خطورته, لا يجيب على السؤال الذي تطرحه على أمي واطرحه أنا على نفسي.
كيف كان في السهل أن أقولها كلمة ولكن وجدتها مشكلة جد خطيرة.
فكرت يوماً, عسى أن أجد حلاً, إن أمي هي المرآة الوحيدة أو الإنسان الوحيد الذي يحبني دون مقابل.
ولذلك أحببها دون مقابل
أتدرى ما هو تبادل الحب
وهو تبادل المشاعر والآراء والأفكار
نجلس أنا وهى كل مساء نرتشف القهوة لنتناقش في كتاب, فيلم, أغنيه, ذكرى أو أي موضوع.
ولكني أتجنب الحديث عن موضوع " صباح الخير "
لأني لا أعرف الإجابة فأقف صامتا
ولكنها لا تمل تكرارا السؤال .عندما توفى أبى وترك أمي أرمله صغيرة السن, حملت الضغينة ضد موت أبى.
لماذا يذهب ويترك أمي مهام كانت الأسباب التورد في وجنتها والامتلاء الخفيف المتناسق مع ثنايا جسدها و بياض البشرة الذي لم تغلبه السنون يؤكد أنها كانت في صباها ملكة جمال وروحها الطيبة المرحة التي تحتوى كل مشاكل وصعاب الدنيا للاعتناء ورعاية إخوتي.
لذلك تضخمت المشكلة في رأسي ومن فوري عرضت الموضوع برمته على أستاذ جامعي بقسم على النفس تعجبني تحليلاته ورؤيته في التلفزيون.
فابتسم لي من تحت نظارته وقال:
أقول كلمة واحدة لك أن تفهمها أو لا:
"حب والدتك على أنها أمك وليس امرأة تحبك دون مقابل"
قلت له في سرعة "ولكن الأم هي امرأة تحبك دون مقابل"
قال لي ووجهه اكتسب بملامح الجدية: "نعم هذا صحيح ولكنك لا ترفق بين المعنيين وتتعامل معها على إنها أمراء تحبك فقط وتنسى أو لا تضع في ذهنك أنها أمك وهذا سيحل مشكلتك مع الجنس الأخر وأيضا سبب وجيه لأن تقول لامك صباح الخير "
-" كيف"
قال بضجر:"إن نظرتك إليها على أنه إمرة يجعلك تضعها في مقارنة مع الجنس الأخر وهذا خطأ يجب أن يصحح بأن تفكر في أنها أمك وتدرك أن أمك وأختك وصديقتك لا يوضعن في مرتبة واحدة للمقارنة" هذه الجملة الأخيرة هي ما أبحث عنها يا دكتور قلت ذلك في سرى ولكني قاطعته بلهفة: "وصباح الخير !"
استطرد وكأنه لم يسمعنى:
ثانياً: تعاملك معها على إنها امرأة تحبك وتحبها دون مقابل أقام حاجز نوع ما على تعاملك معها بمعنى أنك تعاملها كأنثى وسترجع الأمور إلى طبيعتها بمجرد أن تنفذ نصحيتى " ساعتها أدركت
إن الأم غير كل النساء, هي نوع أخر من البشر تهب الحياة والحب والوجود والتكوين دون مقابل

هناك ٣ تعليقات:

أميرة يقول...

ألم تستطيع ؟أن تقول لها صباح الخير لترد جزءا من حبها لك الذى تعطيه لك دون انتظار لكلمة حب منك او على الاقل كلمة صباح الخير فى صباح كل يوم وتصور وقتها عندما تمر بجوارها ولازلت مستيقظا من نومك وتطرب سماعها بصباح الخير ياامى لتستهل يومك بابتسامتها الرقيقة وربما ربتة حانية على وجهك او كتفك وهى تقول بصوت حنون بطبيعته صباح النور ياولدى يكفيك هذا طيلة حياتك تتذكره ليكون سببا فى راحة وسعادة لك
مشكلة كل من فقدوا احد الابوين هو تعلقهم الشديد بالطرف الآخر تعلق وحب مرضى يتعدى حدوده ليكون على الصورة التى قصها ذلك الدكتور ولو طبقناها على ابنة نزار قبانى فهى ايضا فقدت والدتها مبكرا

تحياتى لك

_ زين_ يقول...

العزيز فاوست
هل يمكن النظر لعلاقة الأم بالإبن من خلال نظرة علمية تعيد تشريح هذه العلاقة ووضعها تحت المجهر، لاأعلم، ولايمكنني الجزم بذلك، لكن دعني ألتقط بعض الكلمات من حبوب كلماتك، لقد اخترت عنوان لقصتك"دون مقابل" وهو يعني تأكيدك على أن العلاقة الروحية هي دون مقابل، وهي تقف في مواجهة أي علاقة أخرى بمقابل، مما يعني أن تعطي قيمة مادية للعلاقة الروحية بين الأم والإبن، وهذا لايجوز اساسا، لأن هذه العلاقة أعلى من أي قيمة، ولكنه عنوان موفق من ناحية تفكير الراو وهو ماأهنئك عليه، لكنه في نفس الوقت لايعني أنه تخلص من نظرته لأمه بهذه الطريقة، ممايعني أن تخلصه الذي حدث في نهاية القصة هو تخلص مؤقت، تخلص بدافع شروحات الآخرين، وذلك يعني أنه لم يتخلص كلية من داخله، ربما أنارت له كلمات الطبيب الطريق، لكن هل حقيقي أنه توصل إلى الحل، فهو يعيد كلمة دون مقابل في النهاية، إنها قصة تمتلئ بالشكوك، فهل تخلصنا منها، تخلصنا من الشكوك، وآمنا بأنه لايمكن وضع أي باراميتر للتعرف على حب الأم.. لقد أدخلتني متاهة القصة القصيرة بعبارتك صباح الخير..
صباح الخير ياصديقي فاوست.. ولي عودة معك وأنا قاعد أقرأ تحليلاتك عن الكتب وجهة نظر..

fawest يقول...

زين_ سعيد جدا لاستناجك اللى مكننتش واخد بالى منة إن التحول عند البطل
من شروح الاخرين
لكن اقدر اعتبرها نهاية برضة و يمكن فى المستقبل فى قصصى هراعى العمق دة
شكرا
اميرة ويلز_ اسمحى اناديلك ب lady di
المخم الى عاوز اعرفة منك
شايفة انها منطقية
انا عن نفسى لا اقول لامى صباح الخير بس لاسباب تانية خالص وكمان امى لم تطلبنى بها